تعد تجربة الإسلام السياسي في تركيا فريدة من نوعها على مستويات عدة. كانت بداية التجربة ناجحة على مستوى التمثيل البرلماني والمحلي، ولكنها فشلت على مستويات أخرى مثل فهم العلاقة بين السياسة والمجتمع وبين المدني والعسكري وبين العلماني الإسلامي وبين الأفكار التقليدية والإصلاحية الحديثة. مرت تجربة الأحزاب المحسوبة على الفصيل الإسلامي بمراحل عدة كان آخرها حزب العدالة والتنمية وما انبثق عنه من أحزاب عارضته في الفكر والممارسة.
فى هذا المقال نحاول أن نقرأ تجربة الإسلام السياسي التركي وصفًا وتحليلًا من خلال فحص السياق التاريخي وأهم نقاط التحول على مدار عقود من صعوده ونضجه وبوادر هبوطه. بالإضافة إلى تحليل طبيعة الخطاب التي استخدمتها تلك الأحزاب فى بداية صعودها وكيف شهدت تغيرات خطابية.
كما يحاول المقال تتبع ملفات داخلية عدة مثل علاقة الدولة بالمجتمع ومستوى الرفاه ودرجة الحقوق والحريات ومستويات الفساد والدولة العميقة. هذا كله إضافة إلى ملف السياسة الخارجية وتحديدًا تجاه الشرق الأوسط. وختامًا نسلط الضوء على أهم التحديات المستقبلية التي تواجه حزب العدالة والتنمية فى قراءة استشرافية لفهم ما ينتظر التجربة في السنوات القادمة.
السياق التاريخي
تشكلت الجمهورية التركية بعد الحرب العالمية الأولى وحرب الاستقلال واضطرابات إقليمية ودولية. اختلف المؤرخون والسياسيون حول جذور حركة الأحزاب الاسلامية في تركيا. فمنهم من يدعي وجود بذور للحركة لحظة تشكل الجمهورية وما تلاها من اضطرابات على الصعيد الداخلي في عملية بناء دولة جديدة تحت مظلة قومية صلبة. ومنهم من أعاد جذور الحركة إلى فترة عدنان مندريس في خمسينيات القرن الماضي. فيما ينظر آخرون لحركة الإسلام السياسي بداية من ثمانينات القرن الماضي عند تشكل طبقة متوسطة وطبقة رجال أعمال منخرطة أكثر في السياسة (نمور الأناضول)[1] تزامنًا مع السياسات النيوليبرالية في عهد الراحل تورجوت أوزال.
ولكن تظل الرواية الأكثر شيوعًا بين أدبيات تأريخ الإسلام السياسي التركي هي أن الحركة تناوبت على جيلين هما جيل نجم الدين أربكان وجيل رجب طيب أردوغان.
بدأ أربكان السياسة مستقلًا عندما انتخب نائبًا في البرلمان التركي عن ولاية قونية. في عام 1970 أُسس أول حزب سياسي إسلامي محافظ وهو حزب “النظام الوطني”[2] الذي أُغلق في العام التالي بعد وقوع انقلاب عسكري.
تلاه حزب السلامة الوطني الذي تمكن من دخول البرلمان التركي مشكلًا حكومة ائتلافية مع حزب الشعب الجمهوري لكنها لم تستمر طويلًا نظرًا للاختلافات الأيديولوجية الواضحة. لتتبعها حكومة أخرى وليبدأ عقد جديد بانقلاب عسكري عنيف بعد ما شهدت السياسة التركية صراعات وفوضى كان بطلاها هما الراديكاليين اليساريين واليمينيين.
مع ذلك الانقلاب العسكري حُظر أكثر الساسة المؤثرين على الساحة السياسية ومن ضمن هؤلاء نجم الدين أربكان. لم تمض سنوات طويلة حتى عاد أربكان مجددا تحت مظلة حزب “الرفاه” لكن مع انقلاب العام [3]1997 أُغلق الحزب وأُبعد أربكان عن السياسة. بعدها أسس حزب الفضيلة لكن سرعان ما أُغلق بأمر عسكري ودستوري مع حزب الرفاه بدعوى مخالفة القواعد العلمانية.
انبثق عن حزب الفضيلة تياران رئيسيان أحدهما تقليدي والآخر وصف نفسه بالإصلاحي وهما على الترتيب حزب السعادة وحزب العدالة والتنمية. يرفض التيار التقليدي (حزب السعادة)[4] ممارسات التيار الكمالي بالكلية كما يتحفظ مؤيدوه على القيم الأوروبية وبالتالي يعارضون بشدة فكرة الانضمام الى الاتحاد الأوروبي باحثين عن تمدد إسلامي في الشرق الأوسط ووسط آسيا.
على الجانب الآخر فإن الإصلاحيين الحداثيين[5] يؤكدون على احترامهم للأسس الست للجمهورية التركية بما فيها علمانية الدولة ويتصالحون مع القيم الغربية مثل الديموقراطية وحقوق الإنسان وبالتالي يظهرون رغبتهم في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
تهمشت أصوات التقليديين في السياسة والمجتمع وحكم الاصلاحيون حتى عامنا هذا مع تحفظات عدة بدأت مع اندلاع ثورات الربيع العربي وتفاقمت عام 2013 مع اندلاع أحداث جيزي بارك فيما وصلت أعلى مستوياتها مع الانتخابات البرلمانية عام 2015 وبعد محاولة الانقلاب عام 2016.
الخطاب ومتغيراته
بداية من سبعينيات القرن الماضي وحتى نهاية التسعينيات تبنت الأحزاب الاسلامية خطابات يغلب عليها الطابع الإسلامي مصبوغة بصبغة قومية، ولكنها ترفض علمانية الدولة. كانت الأحزاب الإسلامية في تركيا حتى ذلك الوقت (حزبا الرفاه والفضيلة)[6] تعرف نفسها بمصطلحات دينية مثل الأمة والشريعة وكانت تميل أكثر إلى تمثيل الأطراف والطبقات المهمشة والريف التركي. فيما كان المركز علمانيُا يميل إلى استخدام خطاب قومي يمينًا ويسارًا.
مع ظهور العدالة والتنمية على الساحة التركية وتحديدا منذ العام 2002 اتجه الحزب لتبني خطاب “ديمقراطي محافظ”[7] معلنا ميلاد نموذج جديد يسعى للجمع بين القيم الإسلامية من ناحية وقيم الديمقراطية والعلمانية والاقتصاد الليبرالي الحر من ناحية أخرى.
لعب خطاب العدالة والتنمية بين عامي 2002 و2011 دورا هاما في إظهار تكاتف ذي أبعاد مختلفة فقد ساعد في تغيير الصور النمطية التي ظلت راسخة لعقود تقول أن الإسلام السياسي والديمقراطية والعلمانية لا يتماشيان مع بعضهما البعض.
ومن ناحية أخرى عمل ذلك الخطاب الإصلاحي المعتدل على تهدئة واستقرار دور الجيش بعض الشيء على الأقل حتى عام 2007. هذا بالإضافة إلى تحقيقه طفرة اقتصادية ومعدلات نمو مرتفعة. علاوة على ذلك فقد زادت الثقة الشعبية في مؤسسات الدولة ما حقق قدرا من التوافق الشعبي حول القيادة والنخبة الحاكمة بعد عقود شهدت تركيا خلالها مؤسسات وحكومات عاجزة عن نيل ثقة الجماهير فيما كانت تعمل أغلبها تحت عباءة حكومات مؤقتة.
استمرت الفعالية السياسية مع خطاب إصلاحي تجديدي يؤكد على ديمقراطية الدولة حتى عام 2015[8] ومنذ ذلك الحين بدأ الحزب فى استحداث عناصر خطابية جديدة تقترب أكثر إلى الخطاب القومي اليميني المحافظ وزادت شرارته مع تشكل تحالف الشعب بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية.
الدولة والمجتمع ومستوى الرفاه:
في حين كانت الإصلاحات الكمالية[9] مرتكزة على المستوى الفوقي حتى خمسينيات القرن الماضي ممثلة المركز الحضري، بل إن المشروع الثوري ومشروع الهندسة الاجتماعية الكمالية كان من الأعلى إلى الأسفل حيث نفذته نخب عسكرية وبيروقراطية.
كان المجتمع يبنى في ذلك الوقت على أسس “إقصاء اجتماعي ثقافي وسياسي” إلى حد كبير لأولوية تمثيل المجتمع من خلال منبر نسق اجتماعي واحد تقوم الحكومة بهندسته وتوفر له كل مستويات الرفاه من تعليم وصحة ومعاشات وخلافه وهذا لعدم السماح لتعددية ثقافية جديدة وتنوع اجتماعي يعرقل أسس الدولة القومية الحديثة.
على الجانب الآخر كان نمط صعود الإسلاميين إلى الحكم من الأسفل إلى الأعلى فعلى مدار نصف قرن من الزمن بداية من خمسينيات القرن الماضي بدأت تظهر بوادر ظواهر اجتماعية جديدة. فخرجت طبقات جديدة في المجتمع التركي هي أقل توافقا مع المفهوم الكمالي والقومي والفكري للدولة. منذ ذلك الحين بدأ المجتمع في تلقى مصطلحات جديدة تعيد تخطيط العلاقة بين الدولة والمجتمع.
عملت الأحزاب التي أسسها أربكان على صياغة علاقة واحدة مع المجتمع تُختصر في مواجهة العلمانية عن طريق برنامج إسلامي مع دمج فئات متنوعة من الأعراق والطبقات المختلفة الذين همشتهم الدولة على مدار عقود.
أما عن مستوى الأداء الاقتصادي ومستوى الرفاه خلال فترات حكم الإسلاميين فبدت الأحزاب الأربكانية ناجحة على المستوى الخدمي والمحلى[10] في حين لم تستطع تقديم مستويات اقتصادية متقدمة على مستوى الاقتصاد الكلي والجزئي.
ومع بداية الألفية الجديدة بدأ العدالة والتنمية في اتخاذ خطوات حاسمة من شأنها أن تعظم من شعبيته داخل المجتمع حيث لعب على ملفين أساسيين وهما الاقتصاد والانضمام للاتحاد الأوروبي بجانب الإصلاحات والتجديد السياسي والاستقرار عن طريق طرح فكرة “البديل المناسب” والنجاح في تشكيل حكومات تستمر لفترات طويلة على عكس العقود السابقة.
منذ العام 2002 وحتى أحداث جيزى بارك عام 2013 كان الحزب ناجحا على مستوى المجتمع والاقتصاد والسياسة. اقتصاديا تبنت حكومات العدالة والتنمية نظاما ليبراليا منفتح داخليا (اقتصاد السوق) وخارجيا (زيادة معدلات التبادل التجاري)[11].
بين 2002 و2011 سجل الاقتصاد التركي معدلات نمو تخطت الـ 7 بالمئة فيما زاد متوسط دخل الفرد من 2.800 دولار الى قرابة 10.000 دولار أمريكي هذا بالإضافة إلى معدلات التضخم والفائدة المنخفضة والتي أدت إلى ارتفاع مستوى الاستهلاك المحلى[12].
علاوة على ذلك بدا الاستقرار السياسي والاقتصادي التنموي محفزا للاستثمارات الأجنبية المباشرة. أما في العقد الأخير بداية من 2011 بدأ مستوى التنمية المحلية في التراجع تدريجيا وذلك تزامنا مع أزمات اقتصادية وتراجع سعر العملة التركية.
وعند الحديث عن مستوى “الخدمات والسياسات الاجتماعية” التي تعد مؤشرا هاما لمستويات الرفاه فقد أظهرت حكومات العدالة والتنمية المتعاقبة مؤشرات إيجابية تمثلت في ثلاث مؤسسات للتضامن الاجتماعي وهم: “صندوق التقاعد لموظفي الخدمة المدنية” ومؤسسة التأمين الاجتماعي للعمال” وأخيرا ما يسمى ب “باغ كور” والذى يهتم بالعمال أصحاب الأعمال الحرة والحرفيين والمزارعين.
علاوة على ذلك عملت الدولة على توفير رعاية صحية لمن يقل دخلهم الشهري عن ثلث الحد الأدنى للأجور من خلال طرح البطاقات الخضراء. هذا بالإضافة إلى مؤسسة الضمان الاجتماعي التي أنشئت عام 2006 ووزارة الأسرة والسياسات الاجتماعية التي تم تأسيسها عام 2011 لدمج جميع البرامج الخاصة بالأسرة والمساعدات والخدمات الاجتماعية تحت مظلة وزارة واحدة[13].
نظام الحكم والحقوق والحريات:
بالرغم من أن الأحزاب التي أسسها أربكان كانت تصف نفسها بالإسلامية إلا أنها قد تمتعت بمساحات تعبير وتمثيل سياسي ومجتمعي واسعة طيلة فترات تواجدها داخل الحكومات الائتلافية. بداية من الألفية الجديدة ومع صعود العدالة والتنمية كان نظام الحكم المنصوص عليه فى الدستور التركي هو نظام برلماني يعمل على الحد من حالة التحزب القضائي. لقد شارك السياسيون في الحياة السياسية دون أي ضغوطات من قبل أجهزة الأمن وحرصت الحكومات على ضمان نزاهة الانتخابات المحلية والرئاسية والبرلمانية.
ظلت الدولة التركية على هذا الحال حتى 2013 حين وقعت مظاهرات لحركات اجتماعية[14] بيئية و جنسية واجهتها الحكومة التركية بعنف غير مسبوق. في هذه اللحظة بدأ ممثلو المجتمع المدني والأحزاب المعارضة في تبني خطاب يربط بين إسلامية الدولة وسلطويتها فيما ظهرت حركات اجتماعية جديدة[15].
بداية من 2015 ومرورا بمحاولة الانقلاب في 2016 ومع التعديلات الدستورية في 2017 أخذت حالة الحقوق والحريات داخل الدولة التركية نمطا متراجعا. وهذا نتيجة التحول من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي بعد استفتاء شعبي.
هذا التحول الذي كان مُبررًا في بداية الأمر بهدف «احتواء الحالة الحرجة وتحقيق الاستقرار» بعد محاولة الانقلاب الفاشلة لكنه في الحقيقة ومع مرور الوقت تبيّن أنه كان بمثابة حجر الأساس وهدف في حد ذاته، بل وكان العامل الأهم في كل التحولات التي جرت في آخر فترات العدالة والتنمية من تآكل للحياة الديموقراطية وإحداث خلل في نموذج «الفصل بين السلطات الثلاث»[16].
مؤسسات الدولة والفساد;
بخلاف فترة الحزب الواحد لم ترتبط مؤسسات الدولة بدائرة حزبية وأيديولوجية وفكرية واحدة. لكن على العكس من ذلك فقد ظلت مؤسسات الدولة والبيروقراطية بأكملها ساحة صراع وأرض خصبة لزيادة مساحات الاستقطاب والفساد والصراع السياسي والمجتمعي بين المركز الكمالي والمحيط الأناضولي[17].
استمر الصراع طيلة فترة الحكومات الائتلافية التي شارك بها أربكان رئيسا للوزراء وكانت الفجوة بين القادة السياسيين والمؤسسات واضحة خاصة مع مؤسسة الجيش التي تلعب دورا وصائيا تاريخيا لضمان علمانية وكمالية مؤسسات الدولة على كل المستويات كما تفاوتت موازين القوى بين البيروقراطيين والسياسيين[18].
زادت مخاوف الأحزاب المعارضة تجاه الحكومات التي كان يشارك بها أربكان وذلك بسبب مساحات التعيينات الواسعة داخل مؤسسات الدولة من قضاء وجيش وإعلام من داخل المجتمعات الإسلامية المحافظة سواء من داخل حزب الرفاه أو طبقة رجال الأعمال والتشكيلات المجتمعية القريبة من دائرة اتخاذ القرار.
بداية من الألفية الجديدة ومع صعود العدالة والتنمية كانت الساحة السياسية في حال استعداد لاستقبال تجربة جديدة على مستوى المؤسسات والأفراد. اتبع الحزب خطابا متصالحا مع الأسس العلمانية والقومية ولهذا شهدت المؤسسات علاقات مستقرة نسبيا لفترات طويلة بين المدنيين البيروقراطيين والمؤسسة العسكرية هذا مع عدم إنكار التدخلات العسكرية عامي 2004 و2007 فيما بلغت ذروتها عام 2016.
طيلة العقد الأول من حكم العدالة والتنمية حرص الحزب على ترسيخ مبدأ “الثقة” وحرص قادته على فصل الحزب عن مؤسسات الدولة مع إعطاء الأولوية لمبادئ “المحاسبة” و”المساءلة” و”الشفافية”. بداية من العقد الثاني في الحكم وانتهاءً بالإجراءات التي تبعت محاولة الانقلاب بدأ الحزب بدمج كل من مهام الحزب والحكومة ما أدى إلى زيادة حالة التحزب الحكومي داخل مؤسسات الدولة وخاصة داخل مؤسسات البلديات المحلية والقضاء والإعلام والجيش.
السياسة الخارجية
كانت السياسة الخارجية الأربكانية تعادي الغرب بشكل واضح فيما اتجهت نحو بناء روابط مع العالم الإسلامي وهو ما كان واضحا من خلال مجموعة الثماني الإسلامية[19] ومن خلال الروابط الأيديولوجية والثقافية مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر وزيادة الزيارات بين الطرفين هذا بالإضافة إلى العلاقة الغامضة مع الجمهورية الاسلامية الايرانية والتي انتهت بمغادرة السفير الإيراني من أنقرة بأمر من الجيش[20].
على الجانب الآخر بدت مرتكزات العدالة والتنمية فى السياسة الخارجية مختلفة عن التجارب التي سبقتها حيث اعتمدت على السياسة التي رسمها أحمد داوود أوغلو والتي تتمثل في تصفير المشاكل مع دول الجوار ودبلوماسية ممتدة ومتعددة الأطراف وفاعلية إقليمية ودولية تجعل من أنقرة مركزا جيوسياسيا.
علاوة على ذلك أدى إحجام الاتحاد الأوروبي عن احتضان تركيا رسميًا إلى أن ينظر حزب العدالة والتنمية إلى الشرق الأوسط وإفريقيا وروسيا وآسيا الوسطى كمناطق يمكن لتركيا أن تمارس فيها القوة الناعمة[21] وهو ما وصفه داوود أوغلو بـ “العمق الاستراتيجي”[22] ترسيخا لاتجاه السياسة الخارجية التركية النشطة نحو “العثمانية الجديدة”. بداية من الحرب الأهلية السورية والانخراطات الخارجية للعدالة والتنمية في ليبيا وسوريا ومع أزمة شرق المتوسط تخلت تركيا عن سياسة صفر مشاكل تجاه دول الجوار وجاء ذلك نتيجة استخدام القوة الصلبة[23] للردع الإقليمي لمواجهة التهديدات التي تواجه الأمن الحدودي واسترجاع الحقوق كما تصفها دائما مؤسستا الرئاسة والخارجية التركية.
التحديات
يواجه الحزب الحاكم تحديات عديدة يتمثل أهمها في الحالة الديمقراطية والتي بدأت بالانحدار بداية من أحداث جيزى بارك حيث أنها تشكل خطرا على الحزب داخليا وخارجيا وخاصة أن تراجع الالتزام بالأسس الديمقراطية الليبرالية لا يشكل خطرا على الإسلام السياسي فحسب بل ينهي الحديث عن “النموذج التركي” والذي يعد قوة ناعمة اعتمد عليها الحزب كثيرا في بلورة علاقاته بالشرق الأوسط.
تعد الأزمة الاقتصادية أحد أهم التحديات التي تعاني منها الدولة التركية في الوقت الحالي على مستويات التنمية المحلية وآليات اتخاذ القرار بما يخص سعر الفائدة وتعيينات البنك المركزي. هذا بالإضافة إلى الأزمة الأمنية الوجودية. فضلا عن ضرورة توازن التحالفات لترجيح كفة الحزب الحاكم فى أقرب فرصة انتخابية خاصة مع تكون الأحزاب المحافظة الجديدة المنبثقة من عباءة العدالة والتنمية.
خاتمة
لم تكن تجربة العدالة والتنمية نموذجًا ناجحًا فقط لتبنيه مبدأ النفعية السياسية أو احترامه الخطوط الحمراء العلمانية والتصالح معها بنسخها كافة الراديكالية والمعتدلة. بل أيضًا لهندسته للمجتمع وبناء علاقة قائمة على ميثاق اقتصادى وتنموى، إن فشل ثار الناس، وإن نجح زاد الدعم والثقة والتوافق السياسى والمجتمعى.
المصادر
[1] Bakan and Cimen (2018). Türk Siyasi Değişiminde Anadolu Burjuvazisi, AKADEMİK YAKLAŞIMLAR DERGİSİ.
[2] Kıvrak, E (2020). Milli Nizam Partisi: Tarihsel ve Kuramsal Bir Değerlendirme, pp.133-153, The Journal of Social and Cultural Studies.
[3] Ömer Aslan (2016). ‘Unarmed’ We Intervene, Unnoticed We Remain: The Deviant Case of ‘February 28th Coup’ in Turkey, British Journal of Middle Eastern Studies, 43:3, 360-377, DOI.
[4] ERHAN et al. (2011). SİYASİ PARTİLERİN AVRUPA BİRLİĞİ’NE BAKIŞI, pp.199-239, Ankara Üniversitesi Avrupa Toplulukları Araştırma ve Uygulama Merkezi (ATAUM).
[5] ERHAN et al. (2011). SİYASİ PARTİLERİN AVRUPA BİRLİĞİ’NE BAKIŞI, pp. 5-38, Ankara Üniversitesi Avrupa Toplulukları Araştırma ve Uygulama Merkezi (ATAUM).
[6] Yıldız, A, (2003). “Politico-Religious Discourse of Political Islam in Turkey: The Parties of National Outlook”, pp. 187 – 209, The Muslim World, Vol. 93, Issue. 2.
[7] Özbudun, E., (2006). “From Political Islam to Conservative Democracy: The Case of the Justice and Development Party in Turkey”, pp. 543 – 557, South European Society and Politics, Vol. 11, No. 3-4.
[8] Erdem, F (2019). CHANGES IN A NEW ERA OF TURKEY’S POLITICS, Democratic Progress institute, London.
[9] AKSİN, Sina, (1998). “The Nature of the Kemalist Revolution”, Ataturk and Modern Turkey, International Conference, Ankara University Faculty of Political Science.
[10] Ersin, I (2017). NECMETTİN ERBAKAN’IN EKONOMİK SÖYLEM VE UYGULAMALARI, pp.94-153, Istanbul Medipol University.
[11] Gür et al. (2017). Kuruluşundan Bugüne AK Parti: Ekonomi, SETA.
[12] Taşpınar, Ö. (2012). Turkey: The New Model?: The Islamists Are Coming: Who They Really Are, The Brookings Institution, Washington, DC.
[13] AYSAN, M. (2020). GELECEĞİN TÜRKİYE’SİNDE SOSYAL POLİTİKALAR, pp.20-79, İLKE İlim Kültür Eğitim Vakfı, İstanbul.
[14] Alpuncu, B. (2013). “Gezi Parkını Nasıl Okumalı?”, Radikal Kitap.
[15] Bayhan, V. (2014). Yeni Toplumsal Hareketler ve Gezi Parkı Direnişi. Birey ve Toplum Sosyal Bilimler Dergisi, 4 (1) , 23-58 . DOI: 10.20493/bt.15516.
[16] Abdin, O. (2020). After the coup attempt: Turkey towards democracy or authoritarianism? بعد محاولة الانقلاب: تركيا نحو الديمقراطية أم السلطوية؟, Idaat, retrieved from: https://www.ida2at.com/after-coup-attempt-turkey-towards-democracy-authoritarianism/
[17] Mardin, Ş. (1973). Center-Periphery Relations: A Key to Turkish Politics?, The MIT Press on behalf of American Academy of Arts & Sciences, retrieved from: http://www.jstor.org/stable/20024114 .
[18] Yılmaz and Güler. (2016). AK PARTİ HÜKÜMETLERİ DÖNEMİNDE SİYASET VE BÜROKRASİ ARASINDAKİ GÜÇ MÜCADELESİNİN DEVLET PLANLAMA TEŞKİLATI ÜZERİNDEN OKUNMASI, Yönetim ve Ekonomi Araştırmaları Dergisi, retrieved from http://dx.doi.org/10.11611/JMER179159
[19] William, H, (2000). Turkish Foreign Policy 1774-2000, London: Frank Cass, pp. 191-217.
[20] Sabri, S, (2000) “Turkish Foreign Policy in the Post-Cold War Era: The Challenges of Multiregionalism,” Journal of International Affairs, Vol. 54, No. 1, pp. 169-182.
[21] Tarik, O. (2007) Soft power in Turkish foreign policy, Australian Journal of International Affairs, 61:1, 81-97, DOI: 10.1080/10357710601142518
[22] Alexander, M. (2006). The Strategic Depth Doctrine of Turkish Foreign Policy, Middle Eastern Studies, 42(6), 945-964. Retrieved from: http://www.jstor.org/stable/4284512
[23] Gurzel, A. (2014). Turkey’s role as a regional and global player and its power capacity: Turkey’s engagement with other emerging states, Revista de Sociologia e Política, 22 (50).