حمل الطوفان معه مفاجآت عديدة للجميع، حتى من بدأوا هذا الحراك المبارك، أعلنوا غير ذات مرة أنهم لم يتصوروا أن يكون اجتياز الطوق الذي أقامه الاحتلال؛ والدخول كيلومترات عديدة داخل الأراضي المحتلة بهذه السهولة.
منذ السابع من أكتوبر 2023 والأحداث تتسارع، ورقعة الصراع تتسع، وأطراف أكثر تنخرط في المواجهة كثيرون يسعون لمعرفة ما يحدث الآن على الأرض، ليس فقط في غزة ولبنان، بل في مضيق باب المندب أيضا، وفي ساحات الجامعات الغربية، وفي أروقة محكمة العدل الدولية، وليس آخرا في مدرجات مباريات تشارك فيها فرق الاحتلال!
إن سؤال: “ما الذي يحدث؟” مهم، ولا يختلف اثنان على ذلك، لكننا مع تعرضنا لسيل يومي من الأخبار والتحليلات، ينبغي أن نقف مع أنفسنا ونسأل: ما الذي (سـ)يحدث؟ ما الذي يجب أن نسعى إليه ليتحقق على أرض الواقع؟
بعبارة أخرى، في العلوم الاجتماعية يمكن تصنيف العبارات إلى وضعية (Positive) ومعيارية (Normative)، تسعى الأولى لمعرفة ما الذي يحدث على أرض الواقع، في حين أن الثانية تتوجه لمعرفة ما الذي ينبغي أن يحدث، وهو ما نسعى إليه في عددنا الحالي. نسعى إلى ذلك على أصعدة مختلفة؛ بهدف رسم ملامح خارطة طريق (Roadmap) لكيفية تعاملنا وتفكيرنا خلال الفترة القادمة.
يبدأ العدد بسؤال طالما أرق الجميع وهو سؤال القوة؛ يستعرض محمد عماشة أشكال القوة الأربعة طبقا لنظرية “مايكل مان” وهي: الثقافية، والاقتصادية، والسياسية، والعسكرية. ثم يوضح لنا أن كل ما سبق هو القوة الهيكلية، لكن ثمة بُعدان آخران للقوة، هما: الخطابية والأدائية، وبعد شرح ما هما؟ وكيف يؤثران على واقعنا؟ يختتم المقال بكيف يمكن لنا أن نقلب موازين القوة؟
ينتقل عمر عابدين بعدها إلى نقاش سؤال غاية في الأهمية: ما هو موقع الفرد العربي من المعادلة؟ هل هناك أمور باستطاعتنا -نحن الأفراد- فعلها لتغيير الواقع؟
بعدها ننتقل مع عمار فايد ليحدثنا عن التحديات الإستراتيجية التي تواجه الحركات الإسلامية، وما هي الأسئلة الجديرة بالدراسة والبحث خلال المرحلة القادمة؟ بعدها أردنا أن نحاول التحليل من منظور مختلف، وهو كيف ستفكر الأنظمة السلطوية في تداعيات طوفان الأقصى؟ لنعرف فيما تفكر وكيف لنا أن نتحرك. في هذا السياق يعرض مقال أحمد مولانا لهذه النقطة.
علامة أخرى مميزة من بركات الطوفان، وهو الحراك الذي شهدته الدول الغربية؛ وبخاصة في الجامعات. لفهم أعمق لتنوع خارطة المشاركين في هذا الحراك ومدى إمكان التعاون مع مكوناته، انطلق قلم بلال هشام حول هذه النقطة ينير لنا الطريق ويوضح التنوعات الأيديولوجية؛ لندرك دوافعها إدراكا أعمق؛ لتحديد كيفية التعاون معها مستقبلا. ثم يختتم العدد بمقال للكاتب أ. م. وهو كاتب مصري من وراء القضبان، يعرض إجمالا وبنظرة هي أقرب لنظرة النسر الشاملة من أعلى؛ للإمكانات والفرص التي طرحها الطوفان أمامنا، وكيف يمكن لنا الاستفادة منها؟
هذا العدد عزيزي القارئ ما هو إلا محاولة متواضعة لفهم ما الذي ستشهده منطقتنا خلال الفترة القادمة، وكيف لنا -أفرادا ومجموعات- أن نسهم في التغيير الذي نطمح إليه منذ عقود، والله ولي التوفيق.
أيّ أشكال القوة تغلب؟ عن تفسير واقعنا وسؤال العمل والأمل
"الحق أقوى سلاح في وش الدبابات" أغنية "مكملين"، فبراير ٢٠١٢ "الحق بدون القوة باطل وملوش نصير" أغنية "فرعون لسة...
قراءة المزيد
تعليقات علي هذا المقال