لطالما سمعنا الحكومات المتعاقبة في مصر تروج لحزمة من الإجراءات الاقتصادية التقشفية القاسية على المواطنين؛ بهدف تحقيق النمو المستدام، والذي سيقود بدوره إلى التنمية، على حد تعبير تلك الحكومات.
أُرهقت آذاننا بعشرات المصطلحات، من قبيل: التنمية المستدامة، التنمية الشاملة، التنمية العادلة، تنمية رأس المال البشري، التنمية المتكاملة، وغيرها. مصطلحات وإن اختلفت، فإن لفظ التنمية يظل حاضرا فيها. صاحب تلك المصطلحات خطاب، فحواه: فلنصبر ولنتحمل إجراءات التقشف ليرتاح أبناؤنا. عانى الجد ولم يرتح الابن، وعانى الابن ولم يرتح الحفيد، وهكذا دواليك.
تاريخيًّا، وعلى مدار سبعين عامًا هي عمر جمهورية مصر العربية، فشلت السياسات الاشتراكية التي تبناها عبد الناصر، وفشلت سياسات الانفتاح التي بدأها السادات، واستكملها مبارك. فشلت برامج صندوق النقد الدولي التي بدأت في التسعينات، ويستكملها السيسي الآن. كل ما سبق فشل في جلب الرفاهية التي وعدتنا إياها الحكومات المتعاقبة في مصر.
بنظرة بسيطة إلى معدلات الفقر، نسب الأمية، وعدد المتسربين من التعليم، ونسبة العشوائيات، ونسب الأمراض الناتجة عن سوء التغذية وتلوث الطعام والمياه؛ نستنتج أن كل ما سبق فشل، وأن الوضع يسير من سيئ لأسوء.
يدفعنا كل ما سبق إلى الاعتقاد بأن التنمية الاقتصادية في مصر متعثرة، وأن هناك ثمة عوامل هيكلية هي ما تجعل قطار التنمية في مصر محلك سر.
نحاول من خلال مقالات هذا العدد أن نلقي الضوء على هذا الموضوع من خلال المقالات الآتية:
-
عن الأزمات الهيكلية للتنمية المتعثرة في مصر
-
قطاع الخدمات في مصر: التضخم الاستهلاكي الشاذ في سياق التخلف الاقتصادي
-
تقييم برامج التنمية على نهج المؤسسات الدولية: مصر وصندوق النقد الدولي نموذجًا
-
الاقتصاد المصري في الجمهورية الجديدة: تنمية الفقر واقتصاد الإتاوات
-
مراجعة كتاب (Cleft Capitalism: The Social Origins of Failed Market Making in Egypt) للباحث عمرو عادلي
بعد تلك التغطية الاقتصادية في ملف العدد، ينتقل عددنا الثامن ليغطي مساحات أخرى قد تشغل قارئنا: تحليل نقدي للمقاربة الإصلاحية السلفية، قراءة في الفكر السياسي الديني للصدر الأعظم لطفي باشا، نظرة على الوضع الطائفي في سوريا، ومقارنة بين شكل الدولة في الغرب والدول المسلمة من خلال مراجعة لكتاب “الدولتان”.
تعليقات علي هذا المقال