أحدثت سياسات التحديث القسرية أو الطوعية التي تم تطبيقها في العالم الإسلامي شبه انقطاع مع تراث سياسي طويل، كانت الشريعة في جوهره، ولو نظريًّا على أقل تقدير. ردًّا على هذا التغير، برز فكر ما سمي بـ”الإسلام السياسي”، والذي انبثقت بذرته التنظيمية الأولى منذ قرن، بتأسيس جماعة الإخوان المسلمين. ومع مركزية مقولة “الإسلام دين ودولة” عند الكثير من مؤيدي التنظيم الذين انتشروا في بقاع العالم المختلفة أو المتأثرين بفكر الجماعة عمومًا، ظهرت بعض نماذج الحكم التي حُسبت عليهم: من ماليزيا إلى المغرب ومن تركيا إلى السودان.
في هذا العدد، تأمل مجلتنا أن تلقي الضوء على بعض هذه التجارب لتقييم إن كان الوعد الذي حمله “المشروع الإسلامي”، قد حققته تلك المشروعات. وإننا في واقع الأمر إذ نقوم بذلك؛ فإن هدفنا الرئيس هو النظر والتأمل في تلكم التجارب، والخروج منها ببعض الدروس المستفادة، لعلها تكون لنا دليلا نتعلم منه في مستقبلنا. في هذا الإطار، سيحاول كل مقال في هذا العدد تناول تجربة حكم مختلفة بالنظر إلى بعض العناصر التالية:
- عرض تاريخي سريع عن وصول الإسلاميين للحكم وفترة حكمهم.
- الخطاب الذي استخدمه الإسلاميون للوصول للحكم، وكيف تطور مع بقائهم في السلطة.
- تقييم عام لمستوى الرفاه.
- تقييم للحقوق والحريات العامة.
- محاربة الفساد.
- أهم التحديات الحالية.
وإننا نأمل أن يكون هذا الملف بادرة خير للنظر في تلك التجارب وتقييمها للاستفادة منها فيما هو قادم.