رحل الشيخ يوسف القرضاوي في السادس والعشرين من شهر سبتمبر الماضي، عن عمر قارب المائة عام من العلم والسعي الحثيث في أرجاء المعمورة.
والشيخ القرضاوي شخصية مركزية في الفكر العربي الإسلامي المعاصر ولا شك، فإضافاته العلمية، وفتاواه المعاصرة، كما مداخلاته السياسية، كانت ولا شك ذات ثقل في المشهد الإسلامي العام، حتى أن الرجل لُقّب من قبل بعض المختصين الغربيين في الدراسات الإسلامية بالمفتي العالمي، لما كان له من أثر بالغ في الوعي الإسلامي في العالم كله، لكن القرضاوي الذي حاول أن يجمع “العاملين للإسلام” طول حياته، توفي في مشهد سياسي جعل مجرد الترحم عليه مسألة سياسية محظورة، فالرجل الذي كان يخطب وده أهل الفكر من كل التوجهات، صار محظورًا سياسيا، بل وخصمًا يُنال منه، رغم ذلك، اكتظ الفضاء الصحفي والإلكتروني بالحديث عن الشيخ ومناقبه، وهو الذي أُلفت فيه المؤلفات، وسار على نهجه جمع من طلابه وصحبه
من سمات الشيخ التي جعلت له هذا الثقل في العالم أنه لم يكن فقيهًا متخصصًا فحسب، بل كان أشبه بما يسمى بالمثقف العمومي، فهو يفتي للناس في شؤون حياتهم، ويخطب في الناس بالشعر والأدب، ويعلق على الأحداث الجارية تعليق الفاعل المشتبك، ويقدم للناس نهجًا في التربية والتعليم، كل تلك الأوجه سمحت للقرضاوي أن يصل إلى مساحات واسعة من شرائح العالم الإسلامي.
ولذلك؛ تقدم مجلتنا في عددها الخامس عشر قراءات لجزء من إرث الشيخ في جوانبه المتعددة، حيث يعرض أسامة الأعظمي لمحات من الفقه الحركي للشيخ، مركزا على أفكاره حول التوفيق بين الإسلام والديموقراطية، وتقديمه قيمة الحرية على ما سواها من القيم، واعتبارها مفتاح الوصول لتحقيق الديموقراطية الإسلامية.
فيما يلخص إسلام هلال معالم المدرسة العلمية للقرضاوي في عشرة نقاط، لعل أبرزها اهتمامه ببناء المؤسسات، واشتباكه مع قضايا الواقع، قبل أن يطرح سؤالًا حول المستقبل الذي ينتظر إرث الشيخ في العلم والحركة.
ويأخذنا يوسف الدموكي في جولة نتعرف خلالها على الشاعر يوسف القرضاوي، حيث يقدم صورة لا يعرفها الكثيرون عن الشيخ، ويكشف جزءً من الصراع بين الفقيه والشاعر.
ويعرفنا حسين رضا على معالم المنهجية التربوية عند القرضاوي، عبر تقديمه صورا مختلفة للصبر والصمود في حياته، فضلا عن صفة الربانية التي مثلت وقوده في سعيه الدؤوب في سبيل العلم والعمل والحركة والدعوة على مدار حياته.
فيما يتطرق إسلام زعبل لموضوع الفكر السياسي عند القرضاوي، والذي ينطلق من فكرة شمولية الإسلام، واعتبار السياسة جزء لا يتجزء منه، كما يعرض أفكار الشيخ حول قضايا عديدة، لعل أبرزها مفهوم الدولة في الإسلام، وموضوع الأحزاب السياسية، ومشاركة المرأة في العمل السياسي.
ونختم العدد بمراجعة لكتابين أحدهما عن القرضاوي، والآخر كتبه الشيخ بيده، حيث يعرض عبد الرحمن أحمد كتاب “القرضاوي فقيه الصحوة الإسلامية” للدكتور معتز الخطيب، مستعرضا عددا من سمات الخارطة الفكرية لدى الشيخ والتي جعلته فقيه عصره الأول دون شك، فيما يستعرض أحمد أمين كتاب “أولويات الحركة الإسلامية” للشيخ يوسف القرضاوي، والذي حاول من خلاله إرشاد التيارات الإسلامية إلى وجهتها الصحيحة.
اقرأ وشاركنا أفكارك
تعليقات علي هذا المقال