من الصفات المركزية للعلماء والباحثين، مساءلة الذات، بقدر ما يُسائل الباحث افتراضاته المسبقة، ونظرياته التي تعود عليها، والبيئة الفكرية التي تشكّل فيها، بقدر ما يصبح عمله أصيلًا وذا قيمة معرفية، إذ بهذا يحاول الباحث أن يتحرر مما أجبرته عليه الأقدار، ليفتح لنفسه أفقًا جديدًا قد يكون أبلغ حجة وأجدر تفسيرًا.
ورغم أن مساءلة الذات تلك أمرٌ غاية في الصعوبة، إلا أن تدريب النفس على الانفتاح الفكري تورث للباحث عن الحقيقة سِعةً ضرورية للنظر في تعقيد الظواهر، ولعل إشكالية الاستقطاب التي نشاهدها مرة تلو الأخرى في بلادنا -كما في العالم أجمع- ناتجة عن تكلس فكري تورّث فيه الأيديولوجيات والنظريات توريثًا، حتى بين المثقفين والنخب، دون تمحيص أو تدقيق، ولعل الانفتاح على التيارات الفكرية والتقاليد النظرية المختلفة يمكَن الباحث من رؤية المشتركات، أو تقدير الإضافة المعرفية لكل مدرسة، ومن ثم البحث فيما هو أصلح.
من هذا المنطلق، تحاول مجلتنا أن تعرض على قرائها “سبلَ” مختلفة، نتفق معها أو نختلف، لإيماننا أن فيها ما قد ينفع.
في المقال الأول يحلق كاتبنا المميز أ. م. في فضاء السؤال وإنتاج الوعي، وما هي المسؤولية الحرجة التي تقع على عاتق المثقفين في وقتنا الحالي. بعدها ينتقل شادي إبراهيم إلى الحديث عن التحولات التي تحدث في سياسات مصر الخارجية في الوقت الحالي، في ظل التحديات التي نعيشها.
بعد ذلك ينتقل أحمد سيف النصر إلى الحديث عن حزب الله، وذلك من خلال استعراض كتاب الباحث اللبناني أدهم صولي “حزب الله: الانخراط السياسي ومفارقاته التراجيدية”. الذي يعرج فيه الكاتب على نشأة حزب الله ومراحل نموه ولحظاته المحورية. بعدها انتقل معاذ العربي إلى الحديث عن القاهرة الفاطمية وكيف بُنيت هذه المدينة وكيف تحولت خلال القرون المتتابعة.
بعدها أخذتنا يارا خليل في جولة بمكان آخر في مصر، هو الصعيد حيث بحثت على مدى زمني طويل تاريخ هذه المنطقة المهمة وعلاقتها بالسلطات السياسية التي حكمت مصر على مر العصور، في عرض تاريخي جذاب وسلس.
ثم يختتم العدد بمراجعات لكتب غاية في الأهمية؛ المراجعة الأولى هي لكتاب “تاريخ الاستشراق وسياساته” أجراها مصطفى علي، ثم مراجعة لكتاب “عيش وحرية: الوضع الثوري المصري” أجراها عبد الرحمن أحمد.
اقرأ وشاركنا أفكارك
صعيد مصر بين المخيلة التاريخية والواقع المعاصر
تحاول تلك المقالة أن تشرح البنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية لصعيد مصر عبر حقب مختلفة، كانت شاهدة على حضارة عظيمة...
قراءة المزيد
تعليقات علي هذا المقال